فصل: غزاة السلطان ألبارسلان الى خلاط واسر ملك الروم.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.الخبر عن دولة السلجوقية من الترك المستولين على ممالك الاسلام ودوله بالمشرق كلها إلى حدود مصر مستبدين على الخليفة ببغداد من خلافة القائم إلى هذا الزمان وما كان لهم من الملك والسلطان في أقطار العالم وكيف فعلوا بالعلماء وحجروهم وما تفرع عن دولتهم من الدول.

قد تقدم لنا ذكر أنساب الأمم والكلام في أنساب الترك وأنهم من ولد كومر بن يافث أحد السبعة المذكورين من بني يافث في التوراة وهم ماواق وماذاي وماغوغ وقطوبال وماشخ وطيراش وعد ابن اسحق منهم ستة ولم يذكر ماذي وفي التوراة أيضا ان ولد كومر ثلاثة توغرما واشكان وريعات ووقع في الاسرائيليات أن الافرنج من ريعات والصقالبة من أشكال والخزر من توغرما والصحيح عند نسابة الاسرائيليين أن الخزر هم التركمان وشعوب الترك كلهم من ولد كومر ولم يذكر من أي ولده الثلاثة والظاهر أنهم من توغرما وزعم بعض النسابة أنهم من طيراش بن يافث ونسبهم ابن سعيد إلى ترك بن غامورين سويل والظاهر أنه غلط وأن غامور تصحيف كما مر وأما سويل فلم يذكر أحد من بني يافث وقد مر ذكر ذلك كله (والترك أجناس) كثيرة وشعوب فمنهم الروس والإعلان ويقال إبلان والخفشاخ وهم القفجق والهياطلة والخلج والغز الذين منهم السلجوقية والخطا وكانوا بأرض طمعاج ويمك والقوروتزكس واركس والططر ويقال الطغرغر وأنكر وهم مجاورون للروم واعلم أن هؤلاء الترك أعظم أمم العالم وليس في أجناس البشر أكثر منهم ومن العرب في جنوب المعمور وهؤلاء في شماله قد ملكوا عامة الأقاليم الثلاثة من الخامس والسادس والسابع في نصف طوله مما يلي المشرق فأول موطنهم من الشرق على البحر بلاد الصين وما فوقها جنوبا إلى الهنك وما تحتها شمالا إلى سد يأجوج وقد قيل إنهم من شعوب الترك وآخر مواطنهم من جهة الغرب بلاد الصقالبة المجاورين للافرنج مما يلي رومة إلى خليج القسطنطينية وأول مواطنهم من جهة الجنوب بلاد القور المجاورة للنهر ثم خراسان واذربيجان وخليج القسطنطينية وآخرها من الشمال بلاد فرغانة والشاش وما وراءها من البلاد الشمالية المجهولة لبعدها وما بين هذه الحدود من بلاد غزنة ونهر جيحون وما بحفافيه من البلاد وخوارزم ومفاوز الصين وبلاد القفجق والروس حفافي خليج القسطنطينية من جهة الشمال الغربي قد اعتمر لهذه البسائط منهم أمم لا يحصيهم إلا خالقهم رحالة متنقلون فيها مستنجعين مساقط الغيث في نواحيه يسكنون الخيام المتخذة من اللبود لشدة البرد في بلادهم فقروا عليها ومر بديار بكر وخرج إليه صاحبها نصر بن مروان وحمل مائة ألف دينار لنفقته فلما سمع أنه قبضها من الرعايا ردها عليه ثم مر بناهرو وأمنها وأطاف على السور وجعل يمسحه بيده ويمر بها على خدوده تبركا بثغر المسلمين ثم مر بالرها وحاصرها فامتنعت عليه ثم سار إلى حلب فبعث إليه صاحبها محمود ريعول القائد الذي يخبر بطاعته وخطبته ويستعفيه من الخروج اليه منكرا منه الأذى وبحي على خير العمل فقال لابد من خروجه واشتد الحصار فخرج محمود ليلا مع أمه بنت وثاى الهني متطارحا على السلطان فأكرم مقدمها وخلع عليه وأعاده الى بلده.

.غزاة السلطان ألبارسلان الى خلاط واسر ملك الروم.

كان ملك الروم بالقسطنطينية لهذا العهد اسمه أرمانوس وكان كثيرا ما يخيف ثغور المسلمين وتوجه في سنة اثنتين وستين في عساكر كثيرة إلى الشام ونزل على مدينة منبج واستباحها وجمع له محمود بن صالح بن مرداس الكلابي وابن حسان الطائي قومهما ومن إليهم من العرب فهزمتهم الروم ثم رجع أرمانوس إلى القسطنطينية واحتشد الروم والفرنج والروس والكرخ ومن يليهم من العرب والطوائف وخرج إلى بلاد كرد من أعمال خلاط وكان السلطان ألبارسلان بمدينة حوف من أذربيجان منقلبا من حلب فبعث بأهله وأثقاله إلى همدان مع وزير نظام الملك وسار هو في خمسة عشر ألف مقاتل وتوجه نحوهم متهيأ ولقيت مقدمته الروس فهزموهم وجاؤا بملكهم أسيرا إلى السلطان فجدعه وبعث إسلابهم إلى نظام الملك ثم توجه الى سمرقند ففارقها ألتكير وأرسل في الصلح ويعتذر عن تومق فصالحه ملك شاه وأقطع بلخ وطخارستان لأخيه شهاب الدين مكين إلى خراسان ثم إلى الري.